للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤمنًا حسنته يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة. وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها] (١).

وقوله: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤)}.

المعنى: لقد تقطع الوصل بينكم وما كان يجمعكم، وحاد عن طريقكم ومنهاجكم ما كنتم تظنونه من رجاء الأصنام وشفاعة الأوثان، وبدا لكم من الله ما لم تكونوا تحتسبون.

فعن مجاهد: ({لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} قال: تواصلهم في الدنيا). وقال قتادة: (وصلكم). وقال أيضًا: (ما كان بينكم من الوصل). وقال ابن عباس: ({لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}، يعني الأرحام والمنازل).

وقراءة أهل المدينة بالنصب {لَقَدْ تَّقَطَعَ بَيْنَكُمْ} - أي: تقطع ما بينكم. في حين قرأها قراء مكة وأهل العراق: {لَقَدْ تَّقَطَّعَ بَيْنُكُمُ} بالرفع، أي: لقد تقطع وصلكم وشملكم. وكلاهما قراءتان مشهورتان.

والمقصود أن الأمر سينقلب على المشركين يوم القيامة، وسيمزق الله الأرحام والأنساب والأوصال التي جمعتهم على الشرك بالله تعالى، وسيرون فساد المنهج الذي ضمّهم ووصلهم.

وفي التنزيل:

١ - قال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (١٦٦) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: ١٦٦، ١٦٧].

٢ - وقال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (١٠١)}.

٣ - وقال تعالى: {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [العنكبوت: ٢٥].


(١) حديث صحيح. انظر مختصر صحيح مسلم (٦٠) - كتاب الإيمان. باب: جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا. وكتابي: أصل الدين والإيمان (٢/ ٧٥٧) في تفصيل بحث الشفاعة - ومن يحال بينه وبين الشفاعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>