للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى في سورة يس: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)}.

أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [قال الله تعالى: كذبني ابنُ آدم، ولَمْ يَكُنْ له ذلك، وشتمني، ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إيايَ فزعم أني لا أقدِر أن أعيدَه كما كان، وأما شَتْمُهُ إيايَ، فقوله: لي ولد، فسبحاني أن أتخِذَ صاحبة أو ولدًا].

وله لفظ مقارب عنده أيضًا - من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: [قال الله تعالى: كذبني ابنُ آدم ولم يكنْ له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبُهُ إيَّاي فقَوْلُه: لن يعيدني كما بدأني، وليس أوَّلُ الخلق بأهْوَنَ عليَّ من إعادتِه، وأما شتمُهُ إياي فقوله: اتخذ الله ولدًا، وأنا الأحد الصَّمدُ، لم ألِدْ ولم أُولَدْ، ولم يكن لي كُفُوًا أحد] (١).

قال البخاري: (والعرب تُسَمِّي أشرافَها الصَّمَد. قال أبو وائِلٍ: هو السَّيِّدُ الذي انتهى سُؤددُهُ).

وقوله: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ}.

أي: إن الموصوف بما سبق من صفات الجمال والكمال، البعيد رتبته عن مراتب من يشارك أو ينسب إليه الولادة، الذي خلق كل شيء ولا ولد له ولا صاحبة هو الله ربكم ورب كل شيء، فأفردوه بالإلهية والعبادة والتعظيم، فإن من جمع تلك الصفات استحق العبادة وحده.

وقوله: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}.

أي: رقيب وحفيظ، وكل شيء من تدبيره وتحت تصريفه. قال القاسمي: (يدبر كلّ ما سواه، ويرزقهم ويكلؤهم بالليل والنهار).

وقوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}.

قال ابن عباس: (لا يحيط بصر أحدٍ بالمَلِكِ). وقال قتادة: (وهو أعظم من أن تدركه الأبصار). وقال إسماعيل بن عُلَيَّة: (هذا في الدنيا).


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٩٧٤)، كتاب التفسير، وكذلك نحوه (٤٩٧٥)، باب قوله: {اللَّهُ الصَّمَدُ}، وأخرجه في كتاب بدء الخلق (٣١٩٣)، وانظر صحيح الجامع الصغير (٤٢٠٣) للرواية الأولى، وكذلك (٤١٩٩) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>