للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن زيد: (فكل خرقوا الكذب، و"خرقوا"، اخترقوا). وقال مجاهد: ("خرقوا": كذبوا).

فالمعنى كما قال ابن جرير: (وجعلوا لله الجن شركاء في عبادتهم إياه، وهو المنفرد بخلقهم بغير شريك ولا معين ولا ظهير، {وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ}، يقول: وتخرصوا لله كذبًا، فافتعلوا له بنين وبنات، بغير علم منهم بحقيقة ما يقولون، ولكن جهلًا بالله وبعظمته، وأنه لا ينبغي لمن كان إلهًا أن يكون له بنون وبنات ولا صاحبة، ولا أن يشركه في خلقه شريك).

وقوله: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ}.

قال قتادة: (عما يكذبون).

وقوله: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.

قال ابن زيد: (هو الذي ابتدع خلقهما جل جلاله، فخلقهما ولم يكونا شيئًا قبله).

وقوله: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ}.

قال ابن كثير: (أي: كيف يكون له ولد، ولم تكن له صاحبة؟ أي: والولدُ إنما يكون متولِّدًا عن شيئين متناسبين، والله تعالى لا يناسبه ولا يُشابهه شيء من خلقه، لأنه خالقُ كل شيء، فلا صاحبة له ولا وَلَد، كما قال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) إلى قوله: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥)} [مريم]).

وقوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

أي: هو الله سبحانه الذي أبدع الجنّ والإنس - الولد والذكر والأنثى، البنين والبنات والصاحبة - وكل شيء في هذا الكون الفسيح، فهو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وهو وحده الذي يعلم كل شيء، ولا يخفى عليه شيء.

قال تعالى في سورة النساء: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (١١٧) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (١١٨) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (١١٩) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (١٢٠)}.

<<  <  ج: ص:  >  >>