للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.

فخص بالذكر المؤمنين, لأنهم هم المنتفعون بحجج الله وآياته ومواعظه، دون غيرهم ممن طبع الله على قلبه، فلا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه.

١٠٠ - ١٠٣. قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٠١) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٠٢) لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣)}.

في هذه الآيات: يقول جل ثناؤه: ومن آثام هؤلاء المشركين بربهم وشركهم به أن جعلوا لله الجن شركاء، وهو خالقهم، واختلقوا له بنين وبنات افتراء على الله وسوء أدب منهم مع جلاله وعظمته سبحانه وتعالى عما يصفون. إنه - جلت عظمته - مبتدع هذه السماوات وهذه الأرض ومحدثها وموجدها بعد أن لم تكن، وخلق ما في هذا الكون الفسيح من مخلوقات ولم تكن قبله شيئًا، أفبعد هذا يكون لله ولد، والولد إنما يكون من الذكر والأنثى، وجلّ الله وعزّ عن اتخاذ صاحبة، فهذا يكون للمخلوق الضعيف الذي يحتاج إلى ذلك، أمَا والله تعالى هو الذي خلق كل شيء وهو به عليم فإنه - جل ذكره - يتنزه عن تلك النعوت التي يُطلقها المشركون، ولا يتأدبون ولا يخجلون. إن الذي خلق كل شيء، وعلم كل ما كان وما يكون وما سيكون هو الله الواحد الأحد المستحق للعبادة، وهو على كل ما خلق من شيء رقيب وحفيظ، وإليه التدبير والتصريف وتقسيم الأرزاق والأقوات، ولا تحيط به الأبصار، وهو يحيط بها وهو اللطيف الخبير.

قال قتادة: ({وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ} كذبوا, {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ}، عما يكذبون. أما العرب فجعلوا له البنات، ولهم ما يشتهون من الغلمان، وأما اليهود فجعلوا بينه وبين الجنة نسبًا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون).

وعن السدي: ({وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ}، يقول: قطعوا له بنين وبنات، قالت العرب: الملائكة بنات الله، وقالت اليهود والنصارى: المسيح وعزير ابنا الله).

<<  <  ج: ص:  >  >>