للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}.

نص من الله تعالى بواسع كرمه على عباده، فإنه يضاعف الحسنة عشر مرات وأكثر إلى سبع مئة ضعف.

وقوله: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا}.

نص من الله تعالى بواسع رحمته بعباده، فإن زلّ العبد أو وقع كتبت زلته سيئة واحدة ما لم يستعتب فيغفرها الله تعالى.

قال مجاهد: ({مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ}، قالوا: لا إله إلا الله، كلمة الإخلاص. {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ}، قالوا: بالشرك والكفر). وهو قول ابن عباس والضحاك والحسن وغيرهم.

قال القرطبي: (والحسنة هنا: الإيمان. أي: من جاء بشهادة أن لا إله إلا الله فله بكل عمل عمله في الدنيا من الخير عشرة أمثاله من الثواب).

قلت: فالحسنة تشمل كل ذلك، فهي تدل على كل قول أو عمل يحبه الله ورسوله، والسيئة تشمل كذلك كل عمل أو قول يسخط الله ورسوله.

وقد جاءت السنة الصحيحة بتضاعف أجور الحسنات وتخفيف آثار السيئات رحمة من الله تعالى لصاحبها ليتجاوزها بالتوبة والاستغفار والعمل الصالح. وفي هذا أحاديث:

الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه عز وجل قال: قال: [إن الله عزَّ وجل كتب الحسنات والسيئات ثم بَيَّنَ ذلك، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فلم يَعْمَلها كَتَبَها الله له عنده حسنةً كاملةً، فإن هَمَّ بها وعَمِلَها كتبها الله له عنده عشرَ حسنات إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومَنْ هَمَّ بسيئة فلمْ يَعْمَلْها كتبَها الله له عنده حسنةً كامِلةً، فإن هو هَمَّ بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة] (١).

الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي ذَرٍّ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [يقول الله عَزَّ وجَلَّ: مَنْ جاء بالحسنة فله عَشْرُ أمثالِها وأزيدُ، ومن جاء بالسيئة،


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٤٩١)، كتاب الرقاق، وأخرجه مسلم (١٣١)، وأحمد (١/ ٢٧٩)، وغيرهم. من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>