للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد - صلى الله عليه وسلم - فتفرقوا. فلما بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - أُنزِلَ: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} الآية).

قلت: والآية عامة فلا تقتصر على أهل الكتاب - إن صحّ الخبر فيهم - وإنما تشمل أهل البدع، وأهل الشبهات، وأهل الضلالة من هذه الأمة.

وقوله: {وَكَانُوا شِيَعًا}. أي: فرقًا وأحزابًا شتى.

أخرج الإمام أحمد في المسند، بإسناد صحيح عن عمر رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [أكرموا أصحابي فإنهم خياركم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب، حتى إن الرجل ليحلف ولا يستحلف، ويشهد ولا يستشهد، ألا مَنْ سَرَّه بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الفذ وهو من الاثنين أبعد، ولا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهم، ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن] (١).

وأخرج الترمذي وابن ماجه وابن حبان بسند صحيح، عن العرباض بن سارية قال: [وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة وَجِلت منها القلوب وذَرَفَت منها العيون، فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مُوَدِّعٍ فأوصنا. قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمَّر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة] (٢).

وقوله: {لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}.

قال أبو الأحوص: (برئ نبيكم - صلى الله عليه وسلم - منهم).

وقال الفراء: (المعنى: لست من عقابهم في شيء، وإنما عليك الإنذار).

وقوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}.

تهديد ووعيد، وتحذير من يوم العرض والحساب.

قال القرطبي: ({إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ} تعزية للنبي - صلى الله عليه وسلم -).


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (١/ ١٧٧) من حديث عمر مرفوعًا، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (٤٣١) بلفظ "أحسنوا".
(٢) حديث صحيح. انظر تخريج الإرواء (٢٥٢١)، وصحيح الجامع الصغير - حديث رقم - (٢٥٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>