في هذه الآيات: إخبار من الله تعالى نبيّه - صلى الله عليه وسلم - عن براءته ممن فارق دينه - دين الحق - وفرقه، وكانوا فرقًا وشيعًا فيه وأحزابًا، وأنه ليس من هؤلاء في ابتداعهم وضلالهم، ولاهم منه، وأن مردهم إلى الله فينبئهم بما كانوا يفعلون. الحسنة عنده سبحانه بعشر أمثالها والسيئة بمثلها وهم لا يظلمون. قل - يا محمد - لهؤلاء المتكبرين على عبادة ربهم وإفراده سبحانه بالتعظيم - إنني أرشدني ربي إلى الدين القويم، والصراط المستقيم، دين الحنيفية السمحة دين إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين. إنني أتوجه بصلاتي وذبحي ونسكي ومحياي ومماتي وفي كل أعمالي لله رب العالمين، وحده لا شريك له وقد أمرني بذلك ربي وأنا أول المسلمين المطيعين. وكيف أبغي ربًا سواه وهو رب كل شيء ومليكه، ومن ثم فلا تكسب نفس إلا عليها، ولا تزر وازرة وزر أخرى، والمرجع إليه تعالى ليحكم في أعمال عباده وبما كانوا فيه يختلفون. وهو سبحانه - جلت عظمته - الذي جعلكم تخلفون بعضكم بعضًا في الأرض، يغادر جيل فيعقبه جيل آخر، ثم رفع بعضكم على بعض درجات وفضل بينكم بالأرزاق والأعمال، ليختبركم فيما قضاه لكم، إنه تعالى سريع العقاب وإنه سبحانه لغفور رحيم.
قرأ علي وقتادة وحمزة والكسائي {إن الذين فارقوا دينهم}، في حين قرأها الجمهور على قراءة حفص {فرّقوا} وهي الأشهر. قال مجاهد:(نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى). وقال ابن عباس: (وذلك أن اليهود والنصارى اختلفوا قبل أن يُبْعث