للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: ١٣].

وعن مجاهد: ({مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا}، قال: ما أوصاك به وأنبياءه كلهم دين واحد).

وقال قتادة: (بعث نوح حين بعث بالشريعة بتحليل الحلال وتحريم الحرام).

أخرج الإمام أحمد في المسند، بسند حسن، من حديث ابن أبْزَى، عن أبيه قال: [كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أصبح قال: أصبحنا على مِلّةِ الإسلام، وكلمةِ الإخلاص، ودين نبيّنا محمد، وملة أبينا إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين] (١).

وأخرج الإمام أحمد والطبراني بإسناد حسن عن ابن عباس قال: [قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الأديان أحبُّ إلى الله؟ قال: الحنيفيّة السَّمْحَة] (٢).

وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

قال مجاهد: (النسك: الذبائح في الحج والعمرة). وقال الضحاك: ({الصلاة}، الصلاة. و"النسك"، الذبح). وقال الحسن: (نسكي ديني). وقال الزجاج: (عبادتي، ومنه الناسك الذي يتقرب إلى الله بالعبادة). وقال قوم: (النسك في هذه الآية جميع أعمالى البر والطاعات، من قولك نسك فلان فهو ناسك، إذا تعبد) - ذكره القرطبي. ثم قال: ({ومحياي}: أي: ما أعمله في حياتي {ومماتي} أي: ما أوصي به بعد وفاتي. {لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي: أفرده بالتقرب بها إليه. وقيل: {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ} أي: حياتي وموتي له).

قلت: والآية إنكار على المشركين الذين كانوا يعبدون غير الله أو يشركون بعبادته أوثانهم وشهواتهم وطواغيتهم ويذبحون لغير اسمه، فأمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يخاطب هؤلاء القوم أنه مخالف لهم في عبادتهم وذبائحهم وشركهم، وإنما أمره الله تعالى بإفراده بالتعظيم والعبادة والنسك والتقرب، فلا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا يذبح لغير الله، ولا يسأل غير الله، ولا ينذر لغير الله، ولا يستَعيذ بغير الله.


(١) حديث حسن. أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٤٠٦)، وابن السني (٣٣)، والنسائي (١) كلاهما في اليوم والليلة، من حديث عبد الله بن أبزى، وحسنه الحافظ ابن حجر، وصححه الحافظ العراقي في "الإحياء" (١/ ٣٢٧).
(٢) حديث حسن. أخرجه أحمد في المسند (١/ ٢٣٦)، والطبراني في "الكبير" (١١٥٧٢) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. وذكره البخاري في عنوان باب.

<<  <  ج: ص:  >  >>