آل إليه من قبلهم من المفسدين. ثم أخبرهم أنه وإن اختلفتم في أمر الرسالة والنبوة وتصديقها فكنتم فريقين: فإن العاقبة للمؤمنين. فما كان من سادة الكفر في القوم إلا أن هدّدوا شعيبًا ومن معه بالإبعاد من القرية أو العودة إلى دين الآباء! فأجابوهم: أولو كنا كارهين. إننا نكون من المفترين على الله كذبًا إن عدنا في ملتكم ودينكم بعد أن أنعم الله علينا بالهداية إلى الحق، والأمر كله بمشيئة الله، فالهداية والضلال أمران بيده سبحانه، وإنما نحن نتوكل على ربنا ليفصل بيننا وهو خير الفاصلين. فقال الملأ الكافر حينئذ في عجرفة وكبر: لئن اتبعتم شعيبًا فأنتم عندئذ الخاسرون، فعاجلهم الله تعالى برجفة من عنده وصيحة أخمدتهم فصاروا كأمس الذاهب وكانوا هم الخاسرين. وكان قد أدبر شعيب عنهم مغادرًا حين أيقن نزول عذاب الله فيهم وقال - وهو يحزنه كيف أمسى حالهم -: يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم، فكيف أحزن على قوم كافرين.
فقوله:{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا}.
قال محمد بن إسحاق:(هم من سُلالة مدين بن مديان بن إبراهيم). وزعم كذلك ابن إسحاق في شعيب: أنه ابن ميكيل بن يشجن، واسمه بالسريانية "يثرون".
قال ابن كثير:(وتطلق مدين على القبيلة، وعلى المدينة - وهي التي بقرب مَعَان من طريق الحجاز، قال الله تعالى:{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ. . .}[القصص: ٢٣]، وهم أصحاب الأيْكة).