وقوله: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ}.
قال مجاهد: ({أَوَلَمْ يَهْدِ}: قال: يُبَيِّن). وقال ابن عباس: (أو لم يبيّن).
وقال السدي: ({أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا}، يقول: أولم يتبين للذين يرثون الأرض من بعد أهلها، هم المشركون).
وقال ابن زيد: ({أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا}، أولم نُبَيِّن لهم، {أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ}، قال: و"الهدى"، البيان الذي بُعث هاديًا لهم، مُبَيّنًا لهم حتى يعرفوا. لولا البيان لم يعرفُوا).
وقوله: {وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ}.
أي: ونختم على قلوبهم فلا يسمعون عندئذ موعظة ولا ينتفعون تذكيرًا.
وقوله: {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}.
أي: هذه القرى التي أهلكناها - كما قصصنا عليك من أخبارها - كقرى نوح وعاد ولوط وهود وشعيب وغيرهم، قد جاءهم البلاغ المبين من رسلهم وحجة الله البالغة. وهذا فيه تسلية لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - عما يلقاه من تكذيب قومه.
وقوله: {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ}.
فيه أقوال متكاملة:
١ - قال مجاهد: (أي: فما كان أولئك الكفار ليؤمنوا بعد هلاكهم لو أحييناهم). وهذا يشبه قوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ. . .} [الأنعام: ٢٨].
٢ - قال ابن عباس والربيع: (كان في علم الله تعالى يوم أخذ عليهم الميثاق أنهم لا يؤمنون بالرسل).
٣ - قيل: سألوا المعجزات، فلما رأوها ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل رؤية المعجزة.
واختار ابن جرير القول الثاني وقال: (سبق في علم الله تبارك وتعالى لمن هلك من الأمم التي قصّ نبأهم في هذه السورة، أنه لا يؤمن أبدًا، فأخبر جل ثناؤه عنهم أنهم لم