للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي: ({وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ} وَحُذِف ذِكر الإرسال لعلم السامع. {قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا} (١) أي: جائزة ومالًا).

وقال ابن جرير: (قال فرعون للسحرة، إذ قالوا له: إن لنا عندك ثوابًا إن نحن غلبنا موسى؟ قال: نعم، لكم ذلك، وإنكم لممن أقرِّبه وأدْنيه مني).

وقوله تعالى: {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥) قَالَ أَلْقُوا}.

قال ابن كثير: (هذه مبارزة من السحرة لموسى عليه السلام في قوله: {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ}، أي: قَبْلك. كما قال في الآية الأخرى: {وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى} [طه: ٦٥]، فقال لهم موسى عليه السلام: {أَلْقُوا} أي: أنتم أولًا قبلي. والحكمة في هذا - والله أعلم - ليرى الناس صَنيعَهم ويتأمَّلُوه، فإذا فَرَغُوا من بَهْرَجِهِم ومحالهم، جاءهم الحق الواضح الجلي بعد تَطَلُّب له وانتظار منهم لمجيئه، فيكون أوقع في النفوس. وكذا كان).

وقوله: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}.

قال ابن عباس: (ألقوا حبالًا غلاظًا طوالًا وخَشبًا طوالًا. قال: فأقبلت يخَيَّلُ إليه من سحرهم أنها تسعى).

وكان أن استرهبوا الناس بصنيعهم، وخيّلوا إلى أبصارهم أن ما يجري أمامهم حقيقة، فاختطفوا بسحرهم بصر موسى وبصر فرعون، ثم أبصار الناس بعد.

وقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ}.

قال قتادة: (فألقى موسى عصاه، فتحولت حية، فأكلت سحرهم كله).

وقال ابن عباس: (فألقى عصاه فإذا هي حية تلقف ما يأفكون، لا تمر بشيء من حبالهم وخُشُبهم التي ألقوها إلا التقمته، فعرفت السحرة أن هذا أمرٌ من السماء، وليس هذا بسحر، فخرّوا سجَّدًا وقالوا: {آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ}). وعن مجاهد: ({فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ}، قال: يكذبون).


(١) قرأ نافع وابن كثير وحفص وأبو جعفر "إنَّ لنا"، وقرأ الباقون "أئن لنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>