قال ابن عباس:(لما رأت السحرة ما رأت، عرفت أن ذلك أمر من السماء وليس بسحر، فخروا سجدًا، وقالوا: {آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ}).
قال الجشميّ:(دلت الآية على أن السحرة عرفوا أن أمر العصا ليس من جنس السحر، فآمنوا في الحال).
قال القرطبي:({قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} إنكار منه عليهم. {إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا} أي: جرت بينكم وبينه مُواطأة في هذا لتستولوا على مصر، أي: كان هذا منكم في مدينة مصر قبل أن تبرزوا إلى هذه الصحراء {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} تهديد لهم).
ولا شك أن هذا الذي قاله فرعون من أبطل الباطل. قال ابن كثير: (فإن موسى - عليه السلام - بمجرد ما جاء من مَدْين دعا فرعون إلى الله، وأظهر المعجزات الباهرة والحجج القاطعة على صِدْق ما جاء به، فعند ذلك أرسلَ فرعونُ في مدائن ملكه ومُعاملة سَلْطَنته، فجمع سحرة متفرقين من سائر الأقاليم ببلاد مصر، ممن اختار هو والملأ من قومه، وأحضرهم عنده ووعدهم بالعطاء الجزيل. وقد كانوا من أحرص الناس على ذلك، وعلى الظهور في مقامهم ذلك والتقدم عند فرعون. وموسى عليه السلام لا يعرف أحدًا منهم ولا رآه ولا اجتمع به، وفرعون يعلم ذلك، وإنما قال هذا تسترًا وتدليسًا على رَعاع دولته وجهلتهم، كما قال تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ