وقوله تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}.
أي: فلما حان أجلهم أنزلنا بهم النقمة وانتصرنا منهم بإحلال العذاب فيهم، فأغرقناهم في البحر بما كذبوا بآيات الله ورسوله وجحدوا حججه سبحانه البالغة.
وقوله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا}.
قال قتادة والحسن: (الأرض التي باركنا فيها: الشأم).
والمعنى: لقد أورث الله تعالى بني إسرائيل الذين كانوا يُستذلون بالخدمة أرض الشام ومصر - بعد هلاك فرعون وقومه - وجميع جهات المشرق والمغرب فيها، {الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} بإخراج الزروع والثمار والأنهار، وكونها مهد الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وقوله: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا}
مفسّر بقوله تعالى في آية القصص: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (٥)}.
فبصبرهم على أذى فرعون ومكره هو وجنوده، وبصبرهم على أمر الله بعد أن آمنوا بموسى - صلى الله عليه وسلم -، استحقوا عند الله ذلك الوعد الأكيد، وهو وعد الله للمؤمنين الصابرين المرابطين على الحق في كل زمان ومكان.
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة: ٢١].
٢ - وقال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: ٤٠].
٣ - وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: ٦٩].
٤ - وقال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: ٥١].
أخرج الديلمي - بسند صحيح في الشواهد - عن أنس مرفوعًا: [النَّصر مع الصَّبر،