يتابع الله ممتنًا بنعمه الجليلة على بني إسرائيل يذكرهم بها: إذ واعد موسى لمناجاته ثلاثين ليلة. قال ابن جريج:(يقول: إن ذلك بعدما فرغ من فرعون وقبل الطور، لما نجى الله موسى عليه السلام من البحر وغرّق آل فرعون، وخلص إلى الأرض الطيبة، أنزل الله عليهم فيها المنّ والسلوى، وأمره ربه أن يلقاه، فلما أراد لقاء ربه، استخلف هارون على قومه، وواعدهم أن يأتيهم إلى ثلاثين ليلة، ميعادًا من قِبله، من غير أمر ربه ولا ميعاده. فتوجه ليلقى ربه فلما تمت ثلاثون ليلة، قال عدو الله السامريُّ: ليس يأتيكم موسى، وما يصلحكم إلا إله تعبدونه! فناشدهم هارون وقال: لا تفعلوا، انظروا ليلتكم هذه ويومكم هذا، فإن جاء وإلا فعلتم ما بدا لكم! فقالوا: نعم! فلما أصبحوا من غد ولم يروا موسى، عاد السامري لمثل قوله بالأمس. قال: وأحدث الله الأجل بعد الأجل الذي جعله نبيهم عشرًا، فتم ميقات ربه أربعين ليلة).
قال الحافظ ابن كثير:(فلما تم الميقات عزم موسى على الذهاب إلى الطور، كما قال تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ. . . (٨٠)} الآية، فحينئذ استخلف موسى على بني إسرائيل أخاه هارون، وأوصاه بالإصلاح وعدم الفساد، وهذا تنبيه وتذكير - وإلا فهارون - عليه السلام - نبي شريف كريم على الله، وله وجاهة وجلالة، صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء).
قال ابن جريج:({وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ}، وكان من إصلاحه أن لا يدع العجل يُعْبد).