٢ - إثبات عدم إمكانية رؤية الله تعالى في دار الدنيا لأي أحد، وإمكانية الرؤية للمؤمنين يوم القيامة.
ففي المسألة الأولى: إثبات الكلام لله تعالى. والآية ردّ على الفلاسفة والمعتزلة وأهل الكلام.
١ - قالت الصابئة والمتفلسفة: (كلام الله هو ما يفيض على النفوس من معان إما من العقل الفعال أو غيره).
٢ - وقالت المعتزلة: (هو مخلوق خلقه الله منفصلًا عنه).
٣ - وقالت طائفة من أهل الكلام: (هو حروف وأصوات أزلية).
وكذبوا جميعًا فيما قالوا وفيما تصَوَّروا وذهبوا إليه، والفصل في المسألة هو الذي ثبت عليه العلماء الراسخون في صدر الإسلام من أن القرآن كلام الله على الحقيقة، فهو من صفاته سبحانه وليس من مخلوقاته.
قال الإمام أبو جعفر الطحاوي - في عقيدته المدوّنة -: (وإن القرآن كلام الله تعالى بدأ بلا كيفية قولًا، وأنزله على نبيِّه وحيًا، وصدقه المؤمنون على ذلك حقًا. وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة. ليس بمخلوق ككلام البرية، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر، وقد ذَمَّهُ الله تعالى وعابه، وأوعده عذابه، حيث قال: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ}. فلما أوعد الله سقر لمن قال: {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} علمنا أنه قول خالق البشر ولا يشبه قول البشر).
لقد أثبت الله سبحانه الكلام لنفسه فقال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤]. قال بعضهم لأبي عمرو بن العلاء - أحد القراء السبعة -: أريد أن تقرأ: وكلم اللهَ موسى، بنصب اسم الله، ليكون موسى هو المتكلم لا الله. فقال أبو عمرو: (هب أني قرأت هذه الآية كذا، فكيف تصنع بقوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ}؟ ) فبهت المعتزلي.
يريدون أن ينفوا الكلام عن الله، وينفوا أن القرآن كلامه وصفة من صفاته - هكذا استذلهم الشيطان بفكر أجنبي دخيل - والله يقول: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: ٥٨]. ويقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: