للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٧]. ويقول: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٨]. أي: لا يكلمهم تكليم تشريف، بل يخرسهم وأما المؤمنون فيكلمهم.

وأما المسألة الثانية: إثبات رؤية الله تعالى - للمؤمنين - يوم القيامة.

فقد أشكل حرف "لن" في الآية - قيد التفسير - {قَالَ لَنْ تَرَانِي} على بعض أهل العلم، فظنوها للنفي المؤبد، واستدل بها المعتزلة (١) على نفي الرؤية في الدنيا والآخرة. وغفلوا عن الآيات المحكمات الأخرى التي تثبت الرؤية، وكذلك عن أحاديث صحيحة في صرح السنة العظيم.

ففي التنزيل:

١ - قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٢, ٢٣].

٢ - وقال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: ١٥].

قال الحاكم: حدثنا الأصم حدثنا الربيع بن سليمان قال: [حضرت محمد بن إدريس الشافعي وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها: ما تقول في قول الله عز وجل: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}؟ فقال الشافعي: لما أن حُجِبَ هؤلاء في السخط، كان في هذا دليل على أن أولياءه يرونه في الرضى]. وفي رواية: (ما حجب الفجار إلا وقد عَلِمَ أن الأبرار يَرَونه عز وجل) (٢).

٣ - وقال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ. . .} [يونس: ٢٦]. والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم.

ففي صحيح مسلم عن صهيب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول الله تعالى: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار! قال: فيرفَعُ الحجاب فينظرون إلى وجه الله، فما أعطوا شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إلى ربهم، ثم تلا: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}] (٣).


(١) المخالف في الرؤية الجهمية والمعتزلة، ومن تبعهم من الخوارج والإمامية.
(٢) انظر تفسير ابن كثير، سورة القيامة (٢٢ - ٢٣). وكتابي: أصل الدين والإيمان - عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان (١/ ٢٠٦) - بحث الرؤية - لمزيد من التفصيل.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٨١)، وأخرجه الترمذي (٢٥٥٢)، وأخرجه أحمد (٤/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>