للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آمن بك أنه لا يراك أحد من خلقك إلى يوم القيامة).

أخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: [جاء رجُلٌ من اليهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد لُطِمَ وَجْهُه وقال: يا مُحَمّدُ، إن رَجُلًا من أصحابك من الأنصار لَطَمَ في وَجْهي، قال: ادْعوه، فدَعَوْهُ قال: لِمَ لَطمْتَ وَجْهَهُ؟ قال: يا رسول الله، إني مَرَرْتُ باليهود فسمعتُه يقول: والذي اصطفى موسى على البشر، فقلت: وعلى مُحَمّد؟ وأخذَتْني غَضْبة فَلطَمْتُه. قال: لا تخيِّروني من بين الأنبياء، فإن الناس يُصْعقون يوم القيامة فأكونُ أوَّل من يُفِيقُ، فإذا أنا بموسى آخِذٌ بقائمةٍ مِنْ قوائمِ العَرْش، فلا أدري أفاق قبلي أم جُزِيَ بِصَعْقَةِ الطور؟ ] (١).

وفي الصحيحين أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: [استَبَّ رجلان، رجُلٌ من المسلمين ورجلٌ من اليهود، فقال المسلم: والذي اصطفى محمدًا على العالمين، فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين، فَرَفَعَ المسلمُ يَدَهُ عند ذلك فَلَطَمَ وَجْهَ اليهودي، فذهب اليهودي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخْبَرَهَ بما كان من أمْرِه وأمْرِ المسلم، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - المُسْلِمَ فسأله عن ذلك فأخْبَرَه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تخيِّروني على موسى، فإن الناس يصْعَقون يوم القيامة فأصْعَقُ معهم فأكون أوَّلَ من يُفيق، فإذا موسى باطِشٌ جانِبَ العرش، فلا أدري أكان فيمن صَعِقَ فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى الله] (٢).

وقوله تعالى: {قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.

الاصطفاء: الاجتباء. والمقصود: تفضيل موسى - صلى الله عليه وسلم - على الناس المرسل إليهم، فقد اصطفاه الله على عالَمي زمانه برسالاته وكلامه - جل ذكره -، وقد جاء ذلك في حديث احتجاج آدم وموسى، عليهما الصلاة والسلام.

ففي الصحيحين والمسند عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [احتج آدم وموسى، فقال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح - حديث رقم - (٤٦٣٨)، كتاب التفسير - آية الأعراف (١٤٣) - وأخرجه مسلم في صحيحه (٢٣٧٤)، وغيرهما.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٤١١)، كتاب الخصومات، وأخرجه مسلم (٢٣٧٣)، ورواه البيهقي في "الأسماء والصفات" (٣٠٤). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>