للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ويمكن أن يكون المعنى: وأمر قومك يا موسى أن يعملوا بأحسن ما استطاعوا من العمل، وأن يبذلوا قصارى جهدهم في التمسك بما تمكنوا إلى ذلك سبيلًا. كقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. وكما جاء في هذين الحديثين من كلام نبينا - صلى الله عليه وسلم -:

الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد وابن ماجه بسند صحيح عن ثوبان، عن النبي عليه الصلاة والسلام، قال: [استقيموا ولن تُحصوا، واعلموا أن خيرَ أعمالكم الصلاةُ، ولا يحافظُ على الوضوء إلا مؤمن] (١).

الحديث الثاني: أخرج ابن ماجه عن أبي أمامة، والطبراني عن عبادة بن الصامت، بإسناد صحيح، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [استقيموا، ونِعمّا إن استقمتم، وخيرُ أعمالكم الصلاة، ولن يحافظَ على الوضوء إلا مؤمن] (٢).

وقوله: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ}.

قال مجاهد: (مصيرهم في الآخرة).

وقال الحسن: (جهنم). وقال قتادة: (منازلهم). وقال الكلبي: ({دَارَ الْفَاسِقِينَ} ما مروا عليه إذا سافروا من منازل عاد وثمود، والقرون التي أهلكوا). وقال قتادة: (المعْنَى: سأريكم منازل الكفار التي سكنوها قبلكم من الجبابرة والعمالقة لتعتبروا بها، يعني الشأم).

قلت: ولا شك أن الآية تهديد ووعيد وتبصير بما يؤول إليه حال المتكبرين عن أوامر الله وتعظيمها كما حدث للأمم التي دكّها الله من قبل حين تمادت، وتذكير بما ينتظرهم من سعير جهنم في الآخرة.

وقوله: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}.

قال ابن عيينة: (يقول: أنزع عنهم فهم القرآن، وأصرفهم عن آياتي).

وقال ابن جريج: ({سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ}، عن خلق السماوات والأرض والآيات فيها، سأصرفهم عن أن يتفكروا فيها ويعتبروا).


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم والبيهقي عن ثوبان رضي الله عنه، والطبراني عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، انظر تخريج المشكاة (٢٩٢)، والإرواء (٤١١)، وصحيح الجامع الصغير - حديث رقم - (٩٦٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجه والطبراني. انظر المرجع السابق - حديث رقم - (٩٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>