للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا}.

قال ابن كثير: (أي: وإن ظهر لهم سبيل الرشد، أي: طريق النجاة لا يسلكوها، وإن ظهر لهم طريق الهلاك والضلال يتخذوه سبيلًا).

وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}.

قال القاسمي: (أي: لاهين لا يتفكرون فيها، ولا يتعظون بها. أو غافلين عما ينزل بهم من مخالفة الرسل). وقال النسفي: (غفلة عناد وإعراض، لا غفلة سهو وجهل).

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

تأكيد على بطلان الربح لمن كذب بحجج الله وكلامه ولقائه. وسميت الآخرة "آخرة" لتأخرها عن الدنيا. فمن عمل خيرًا في هذه الدنيا وكفر بالله ولقائه فلا ينفعه عمله في الآخرة.

أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إن الله لا يظلم مؤمنًا حسنته، يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها] (١).

وفي لفظ: [إن الكافر إذا عَمِلَ حسنةً أُطْعِمَ بها طُعْمَةً من الدنيا، وأما المؤمنُ فإن الله يَدَّخِرُ له حسناتِه في الآخرة ويُعْقِبُهُ رِزْقًا في الدنيا على طاعته].

قال ابن جرير: ({هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، يقول: هل يثابون إلا ثواب ما كانوا يعملون؟ فصار ثواب أعمالهم الخلودَ في نار أحاطَ بهم سرادقها، إذ كانت أعمالهم في طاعة الشيطان، دون طاعة الرحمن، نعوذ بالله من غضبه).

١٤٨ - ١٥٣. قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه (٢٨٠٨) - كتاب صفات المنافقين. باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة، وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>