قلت: وقد مضى قوله تعالى في سورة البقرة: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥)}. وقيل: هؤلاء السبعون غَيْرُ من قالوا أرنا الله جهرة، والله تعالى أعلم.
وقال ابن عباس: (إنما أخذتهم الرجفة لأنهم لم يَنْهَوا من عبد العجل، ولم يَرْضَوا عبادته).
وقال مجاهد وقتادة: (إنما أخذتهم الرجفة لأنهم لم يزايلوا قومهم في عبادتهم العجل، ولا نهوهم).
قال الحافظ ابن كثير: (ويتوجه هذا القول بقول موسى: {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا}. وقوله: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ}، أي: ابتلاؤك واختبارك وامتحانُك (١). يقول: إن الأمر إلا أمرك، وإن الحكمُ إلا لك، فما شئت كان، تضل من تشاء، وتهدي من تشاء، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لمن منعت، ولا مانع لما أعطيت، فالملك كله لك، والحكم كله لك، لك الخلق والأمر).
وقوله: {أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ}.
قال ابن جرير: (يقول: أنت ناصرنا. فاستر علينا ذنوبنا بتركك عقابنا عليها، {وَارْحَمْنَا}، تعطف علينا برحمتك، {وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ}، يقول: خيرُ من صَفَحَ عن جُرْم، وستر على ذنب).
وقوله: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً}.
قال ابن جريج: (مغفرة). وقال القرطبي: (أي: وَفِّقْنا للأعمال الصالحة التي تكتب لنا بها الحسنات).
وقوله: {وَفِي الْآخِرَةِ}.
أي: أكرمنا بجزاء تلك الحسنات من الفوز والنعيم.
وقوله: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ}. أي: تبنا وأنبنا ورجعنا إليك.
قال ابن عباس وقتادة: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ}، أي: إنا تبنا إليك).
(١) قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، وأبو العالية، والربيع بن أنس، وغيرهم.