الإصر: الثقل. ذكره مجاهد. والإصر: العهد. قاله ابن عباس. وكلا المعنيين حق. والأغلال عبارة مستعارة لتلك الأثقال. حكاه القرطبي. والإصر مفرد بمعنى الجمع، فهو مصدر يقع على الكثرة فعطف الأغلال عليه بانسجام واتفاق.
فعن ابن عباس:({وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ} قال: عهدهم). وقال الحسن:(العهود التي أعطوها من أنفسهم). وقال السدي:(يضع عنهم عهودهم ومواثيقهم التي أخذت عليهم في التوراة والإنجيل). وقال مجاهد:({وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}، قال: من اتبع محمدًا ودينه من أهل الكتاب، وُضِعَ عنهم ما كان عليهم من التشديد في دينهم).
قال ابن عباس:({وَعَزَّرُوهُ}، يقول: حموه، وقَّروه). وقال مجاهد:({عَزَّرُوهُ}، سدَّدوا أمره، وأعانوا رسولَه).
وقال قتادة:(فما نقموا - يعني اليهود - إلا أن حسدوا نبيَّ الله، فقال الله:{فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ}، فأما نصره وتعزيرُه، فقد سبقتم به، ولكن خياركم من آمن بالله واتّبع النور الذي أنزل معه).
وأما {النُّورَ} فهو القرآن. والفلاح: هو الظفر والفوز والنجاة. فيكون المعنى: إن الذين صدّقوا بهذا النبي وتابعوه وعظموه وحموه والتزموا هديه: من القرآن الكريم الذي أوحي إليه، ومن السنة العطرة - الوحي الثاني - هم أهل الظفر والفوز والنجاة يوم القيامة.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:[والذي نفسُ محمد بيده، لا يَسْمَعُ بي أحَدٌ من هذه الأمة، يهودي، ولا نصراني، ثم يموتُ ولم يؤمنْ بالذي أُرْسِلتُ به، إلا كان من أصحاب النار](١).
(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٥٣) - كتاب الإيمان. باب وجوب الإيمان برسالة نبيّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته. وانظر مختصر صحيح مسلم - حديث رقم (٢٠).