للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}.

ففيه أمران يحذرهم:

١ - ألّا يدّعوا الغفلة.

٢ - ألّا يدّعوا التقليد.

فلو كان الآباء مهتدين كيوسف الصديق مع آبائه فنعم، حيث قال: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ. . .} [يوسف: ٣٨].

فقد صح اتباعهم لأنهم أثبتوا الألوهية لله سبحانه وعليه كان الاتباع، ومثله قول بني يعقوب له: {نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: ١٣٣]. وأما إن كانوا مخالفين الرسل، فَوجب على الابن اتباع الرسل كما قال جل ثناؤه: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا. . .} [العنكبوت: ٨].

وكقوله سبحانه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [البقرة: ١٧٠].

وأما قوله: {مِنْ ظُهُورِهِمْ}.

فهو بدل اشتمال من قوله {مِنْ بَنِي آدَمَ}. وقرأ أهل الكوفة وابن كثير {ذُرِّيَّتَهُمْ}، في حين قرأها الباقون {ذرياتِهم} بالجمع. قيل: لأن ظهور بني آدم استخرج منها ذريات كثيرة متناسبة، أعقاب بعد أعقاب لا يعلم عددهم إلا الله، فجمع لهذا المعنى. قال السدي: {وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ} أي: اقتدينا بهم).

وقوله: {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}.

قال القرطبي: (بمعنى: لست تفعل هذا، ولا عذر للمقلِّد في التوحيد).

وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.

قال النسفي: ({وَكَذَلِكَ}: ومثل ذلك التفصيل البليغ {نُفَصِّلُ الْآيَاتِ} لهم {وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} عن شركهم).

١٧٥ - ١٧٨. قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>