للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (١٧٧) مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٧٨)}.

في هذه الآيات: واتل - يا محمد - على قومك، وعلى يهود قصة ما عرفوه في كتابهم، عن نبأ رجل آتاه الله من العلم والمعرفة والفهم في آياته وكتابه، فلما صار عالمًا بذلك انتكس على عقبه وتابع شيطانه وركن إلى دنياه وشهواته فكان من الضالين الهالكين. ولو شاء الله لرفع ذكره وشأنه بهذه الآيات، ولكنه ركن إلى الدنايا والشهوات والهوى، فهو بذلك كمثل الكلب يلهث بكل حال، لأنه استوى عنده العلم والجهل، ومعرفة الآيات واتباع الشهوات، وهذا مثل ضربه الله تعالى لمن عرف الحق ثم تنكر له، فاقصص - يا محمد - مثل هذه الأخبار على قومك وعلى يهود، وكذلك من أخبار الأمم التي طغت ومضت لعلهم يتفكرون. إنه ساء مثلًا مثل الذين جحدوا آيات الله وظلموا أنفسهم بإيرادها مستقبل الخزي والشقاء. فمن يوفقه الله للهداية فهو المهتدي، ومن يخذله بذنوبه وتمرده فهؤلاء هم الخاسرون، ولا وسيلة لربحهم بعد ذلك.

قال ابن عباس: ({وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} - قال: كان الله آتاه آياته فتركها). وقال: (نزع منه العلم).

وقوله: {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ}.

قال ابن جرير: (يقول: فصيَّره لنفسه تابعًا ينتهي إلى أمره في معصية الله، ويخالف أمر ربه في معصية الشيطان وطاعة الرحمن).

وقوله: {فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}.

أي: الهالكين الضالين، هلك بضلاله وانحرافه.

وقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا}.

قال ابن عباس: (لرفعه الله تعالى بعلمه). وقيل: (لرفَعْنا عنه الحال التي صار إليها

<<  <  ج: ص:  >  >>