للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الكفر بالله، بآياتنا). قال مجاهد: ({وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا}، لدفعناه عنه). وقال ابن زيد: ({وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا}، بتلك الآيات).

وقوله: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ}.

قال سعيد بن جبير: (يعني: ركن إلى الأرض)، أو: (نزع إلى الأرض).

وقال مجاهد: (سكن). وقال السدي: (فاتبع الدنيا وركن إليها). وقال ابن زيد: ({وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} - كان هواه مع القوم).

قال ابن عباس: (كان في بني إسرائيل بلعام بن باعر، أوتي كتابًا، فأخلد إلى شهوات الأرض ولذتها وأموالها، لم ينتفع بما جاء به الكتاب).

قال القاسمي رحمه الله: ({وَاتْلُ عَلَيْهِمْ} أي: على قومك أو على اليهود {نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا} أي: علم الكتاب، فلطف به حتى تعلم وفهم المعاني، وصار عالمًا بها {فَانْسَلَخَ مِنْهَا} بأن نزع العلم عنه، فكفر بها، وخرج منها خروج الحية من جلدها، {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} أي: فلحقه وأدركه وصار قرينًا له حتى أضله {فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}. قال: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} أي: لعظمناه بالعمل بها {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ} أي: مال إلى الدنيا، ورغب فيها {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} وذلك لأنه استوى في حقه إيتاء الآيات، والتكليف بها، والتعظيم من أجلها، وعدم ذلك. كالكلب يدلع لسانه بكل حال، إن تحمل عليه، أي: تشدّ عليه وتهيجه، أو تتركه غير متعرض له بالحمل عليه، فلهثه موجود في الحالتين جميعًا {ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} أي في التوراة أو غيرها {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}).

وعن مجاهد: ({كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ}، قال: تطرده، هو مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يعمل به).

وقال ابن جريج: (الكلب منقطع الفؤاد، لا فؤاد له، إن حملت عليه يلهث، أو تتركه يلهث. قال: مثل الذي يترك الهدى لا فؤاد له، إنما فؤاده منقطع). وقال ابن عباس: ({فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ}، إن تحمل عليه الحكمة لم يحملها، وإن ترك لم يهتد لخير، كالكلب إن كان رابضًا لهث، وإن طرد لَهَث).

قال النسفي رحمه الله: (والمعنى فصفته التي هي مثل في الخسة والضعة كصفة الكلب في أخس أحواله وأذلها وهي حال دوام اللهث به سواء حمل عليه أي شد عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>