للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرجلان يتبايعان الثوب فما يتبايعانه حتى تقوم، والرجل يَلوطُ حوضه فما يصدُرُ حتى تقوم] (١).

الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد في المسند، بسند حسن، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها] (٢). والفَسِيلة: نخلة صغيرة.

وقوله: {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا}.

فيه أقوال:

١ - قال ابن عباس: {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا}، يقول: كأن بينك وبينهم مودة، كأنك صديق لهم). قال ابن عباس: (لما سأل الناس محمدًا - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة، سألوه سؤال قوم كأنهم يرون أن محمدًا حفي بهم، فأوحى الله إليه: إنما علمها عنده، استأثر بعلمها، فلم يطلع عليها ملكًا مُقربًا ولا رسولًا).

٢ - قال قتادة: (قالت قريش لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: إن بيننا وبينك قرابةً، فأسِرَّ إلينا متى الساعة؟ فقال الله عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا}).

٣ - قال مجاهد: {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا}، قال: استَحْفَيت عنها السؤال، حتى عَلمت وقتها). وقال الضحاك: (يقول: كأنك عالم بها، لست تعلمها).

٤ - قال ابن زيد: {كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا}، كأنك عالم بها، وقد أخفى الله علمها على خلقه، وقرأ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ. . . (٣٤)} الآية).

قلت: وقول مجاهد وابن زيد أقرب للسياق وأرجح للتأويل، ويناسب خاتمة الآية: وهو قوله {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}. وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى، في أحاديث كثيرة، منها:

الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: [كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا بارزًا للناس، فأتاه رجل فقال: يا رسول الله ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتابه ولقائه ورسله، وتؤمن بالبعث الآخر. قال: يا رسول


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه (٢٩٥٤)، وانظر الحديث السابق.
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٣/ ١٨٣)، (٣/ ١٨٤)، (٣/ ١٩١)، وكذا الطيالسي (رقم ٢٠٦٨)، والبخاري في الأدب المفرد (٤٧٩)، وانظر السلسلة الصحيحة (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>