للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعلمهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين، وأن عليهم ما على المهاجرين. فإن أبَوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبَوا فادعُهم إلى إعطاء الجزية، فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله ثم قاتلهم] (١).

قال ابن جرير ({وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، يقول: والله بما تعملون فيما أمركم ونهاكم من ولاية بعضكم بعضًا، أيها المهاجرون والأنصار، وترك ولاية من آمن ولم يهاجر ونصرتكم إياهم عند استنصاركم في الدين، وغير ذلك من فرائض الله التي فرضها عليكم، {بَصِيرٌ}، يراه ويبصره، فلا يخفى عليه من ذلك ولا من غيره شيء).

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}.

قال ابن إسحاق: (حض الله المؤمنين على التواصل، فجعل المهاجرين والأنصار أهل ولاية في الدين دون سواهم، وجعل الكفار بعضهم أولياء بعض.

ثم قال: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}، أي: إلا يوالِ المؤمن المؤمن من دون الكافر، وإن كان ذا رحم به، {تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ}، أي: شبهة في الحق والباطل، وظهور الفساد في الأرض، بتولي المؤمن الكافر دون المؤمن، ثم ردّ المواريث إلى الأرحام).

وقال ابن جريج: ({إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}، قال: إلا تعاونوا وتناصروا في الدين، {تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}).

واختار ابن جرير ذلك بقوله: (معناه: أن بعضهم - أي الكفار - أنصار بعض دون المؤمنين، وأنه دلالة على تحريم الله على المؤمن المقامَ في دار الحرب وترك الهجرة).

وقال ابن كثير: (ومعنى قوله تعالى: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٥/ ٣٥٢)، وانظر صحيح مسلم (١٧٣١)، ورواه أبو داود (٢٦١٢)، والترمذي (١٤٠٨)، والنسائي في "الكبرى" (٨٥٨٦)، وابن ماجه (٢٨٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>