للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ آمَنُوا}، من الذين قيل لهم ذلك، {فَزَادَتْهُمْ}، السورة التي أنزلت، {إِيمَانًا}، وهم يفرحون بما أعطاهم الله من الإيمان واليقين).

وقوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}، أي: نفاق وشك وريبة وسوء ظن بالله ودينه، {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} أي: زادهم نزول تلك الآيات مرضًا إلى مرضهم، ونفاقًا ونتنًا في تصورهم، وقبحًا في منهاجهم، {وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ}. أي: هلكوا وفارقوا الدنيا على الكفر بالله ورسوله، والشك والريبة والنفاق.

وقوله تعالى: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ}.

توبيخ من الله لهؤلاء المنافقين حيث يختبرهم ربهم في أحد الأعوام مرة وفي بعضها مرتين، ثم هم مع ذلك البلاء والاختبار لا يرجعون من نفاقهم ولا يتوبون ولا يتعظون.

ومن أقوال المفسرين في ذلك:

١ - عن مجاهد قال: (يبتلون بالعذاب في كل عام مرة أو مرتين). وقال: (بالسنة والجوع).

٢ - وعن قتادة قال: (يبتلون بالغزو في سبيل الله في كل عام مرة أو مرتين).

٣ - عن حذيفة قال: (كنا نسمع في كل عام كذبة أو كذبتين، فيضلُّ بها فئام من الناس كثير). أو قال: (كان لهم في كل عام كذبة أو كذبتان).

والمقصود أن المنافقين يفتنون بما يشيعه المشركون من الأكاذيب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فيمشون بالكذب والضلال.

ويجمع هذه الأقوال فَصْل شيخ المفسرين - الإمام ابن جرير - رحمه الله حيث يقول: (إن الله عجَّبَ عبادَه المؤمنين من هؤلاء المنافقين، وَوَبَّخَ المنافقين في أنفسهم بقلّة تذكرهم، وسوء تنبههم لمواعظ الله التي يعظهم بها. وجائزٌ أن تكون تلك المواعظُ الشدائدَ التي ينزلها بهم من الجوع والقحط، وجائزٌ أن تكون ما يريهم من نُصرة رسوله على أهل الكفر به، ويرزقه من إظهار كلمته على كلمتهم، وجائزٌ أن تكون ما يظهرُ للمسلمين من نفاقهم وخبث سرائرهم، بركونهم إلى ما يسمعون من أراجيف المشركين برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه).

<<  <  ج: ص:  >  >>