فقوله:{قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ}. أي: قل - يا محمد - للناس، يا أيها الناس قد جاءكم كتاب الله فيه الحق من ربكم. {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ}. قال ابن كثير:(فمن اهتدى به واتبعهُ فإنما يعود نفع الاتباع على نفسه - {وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} - ومن ضل عنه فإنما يرجعُ وبال ذلكَ عليه. {وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ}، أي: وما أنا مُوَكَّلٌ بكم حتى تكونوا مؤمنين به، وإنما أنا نذير لكم، والهداية على الله تعالى).
أمرٌ من اللهِ لرسوله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تمسَّك بهذا الوحي فهو سرُّ النجاةِ والقوة والشوكة في الأرض، وإنما يحتاج ذلك إلى الصبر على مكائد الأعداء والخصومِ حتى يفصلَ اللهُ الأمر بحكمهِ فيعلي لواء المؤمنين ويكسر شوكة الكافرين، واللهُ خير الفاصلين.
قال ابن جرير:({وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}، يقول: وهو خير القاضين وأعدل الفاصلين. فحكم جل ثناؤه بينه وبينهم يوم بَدْرٍ، قتلهم بالسيف، وأمر نبيّهُ - صلى الله عليه وسلم - فيمن بقي منهم أن يسلك بهم سبيل من أهلك منهم أو يتوبوا وينيبوا إلى طاعته).
وقال ابن زيد ({وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}، قال هذا منسوخ، {حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ}، حكم الله بجهادهم، وأمره بالغلظةِ عليهم).