للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}.

قال القرطبي: ({وَلَا تَدْعُ} أي لا تعبد. {مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ} إن عبدته. {وَلَا يَضُرُّكَ} إن عصيته. {فَإِنْ فَعَلْتَ} أي عبدت غير الله {فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} أي الواضعين العبادة في غير موضعها).

وقوله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.

أي: إن يصبكَ اللهُ بضر كتبهُ عليكَ فلا دافع له سواه سبحانهُ، وإن يصبكَ برخاء أو فضل أو نعمةٍ أو فرج فلا راد لفضله، فهو يصيب بكل ما أراد من الخير والشر لا يشاركه أحد، وهو الغفور لذنوب عبادهِ وتقصيرهم وزللهم، الرحيم بأوليائه في الآخرة.

أخرج الإمام أحمد وأبو داود بسند صحيح عن أبي تميمة عن رجل من قومه، أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو قال شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأتاهُ رجل فقال: أنتَ رسول الله؟ أو قال: أنتَ محمد؟ فقال: نعم. قال: فإلامَ تَدْعو؟ قال: [أدعو إلى ربك الذي إن مسّكَ ضر فدعوتهُ كشفَ عنك، والذي إن ضللت بأرضٍ قفرٍ فدعوتهُ ردّ عليك، والذي إن أصابتكَ سنة فدعوتهُ أنبت لك] (١).

١٠٨ - ١٠٩. قوله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (١٠٨) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (١٠٩)}.

في هذه الآيات: أمرُ الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يُصرِّحَ لقومه أن هذا القرآنَ هو الحق قد جاءكم من ربكم، فمن اتبع الهدى نجا واهتدى، ومن أصر على الكبر والكفر والعناد ضلّ وهلك، وما أنا مُوكَّلٌ بكم حتى تدخلوا في الإسلام. وإنما أنا نذير، وأمرت - كما أمرتم - باتباع هذا الوحي من ربي، والصبر حتى يحكم الله بيني وبينكم وهو خير الحاكمين.


(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٤٠٨٤). انظر صحيح سنن أبي داود (٣٤٤٢). ورواه أحمد. انظر تخريج مشكاة المصابيح (٩١٨)، وصحيح الجامع الصغير (٢٤٢)، وقد مضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>