للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشركين، وأن آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع هي التي هزلت فهي في موضع الشك وليس الذي يملك الموت والحياة والنفع والضر. إنه إن يمسسك الله بضر فلا يملك كشفه إلا هو سبحانه، وإن يردكَ بخير فلا يقدر منعه عنك أحد، يصيب تعالى برحمته من يشاء وهو الغفور الرحيم.

فقوله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

خِطَابٌ من الله تعالى لنبيهِ محمد - صلى الله عليه وسلم -: أن قل لهؤلاء المكذبين نبوتكَ والوحي النازل إليكَ من ربك: إن كنتم في شكٍ من ديني الذي أدعوكم إليهِ وأنهُ حق من عند الله، فها أنا لا أشارككم في دينكم الباطل، ودعوتكم الأصنامَ والأوثان التي لا تسمع ولا تبصر، بل أعبد الله ربي وحدهُ لا شريكَ له، ومن ثمَّ فلا أخاف ضررًا من آلهتكم المخلوقة الباطلة، فادعوها إن شئتم فلتضرني، فإنها لا تضر ولا تنفع، وقد أمرني ربي أن أكون بهِ من المؤمنين.

قال ابن جرير: (وقوله: {وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ}، يقول: ولكن أعبد الله الذي يقبض أرواحكم فيميتكم عند آجالكم، {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، يقول: وهو الذي أمرني أن أكون من المصدقين بما جاءني من عنده).

وقوله تعالى: {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.

أي: وأمرني ربي أن أستقيم على دينِ الإسلام، ولا أنحرف عنه إلى وثنية أو يهودية أو نصرانية، فإنه من يبتغ غير الإسلامِ دينًا فلن يقبل منهُ، ومن يشرك باللهِ يحبط عمله.

أخرج الإمام مسلم عن جابر رضي اللهُ عَنْهُ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [من ماتَ لا يشركُ باللهِ شيئًا دخل الجنة، ومن ماتَ يشرك باللهِ شيئًا دخل النار] (١).

وفي صحيح مسلم أيضًا عن والد أبي مالك الأشجعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [من قال لا إله إلا الله وكفر بما يُعبد من دون الله حَرُمَ ماله ودمه] (٢).


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح - حديث رقم - (٩٣)، كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ومن مات مشركًا دخل النار.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه - حديث رقم - (٢٣)، كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، من حديث والد أبي مالك الأشجعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>