وقوله: {وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ}. أي: سيجدون عند الله تمام جزائهم دون نقصان.
قال ابن عباس: ({وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ}، قال: ما وُعِدوا فيه من خير أو شر). وقال ابن زيد: (نصيبهم من العذاب).
وقوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ}. قال ابن كثير: (ذكر تعالى أنه آتى موسى الكتاب فاختلف الناس فيه، فَمِنْ مُؤمِنٍ به وَمِنْ كافرٍ به، فَلَكَ بمن سَلَفَ من الأنبياء قبلك يا محمد أسوةٌ، فلا يغيظنّكَ تكذيبُهم لك، ولا يهيدَنَّكَ ذلك).
وقوله: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} - فيه تأويلان متكاملان:
التأويل الأول: لولا ما تقدم من تأجيله العذاب إلى أجل معلوم لقضى الله بينهم.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ولولا كلمة سبقت، يا محمد، من ربك بأنه لا يعجِّل على خلقه بالعذاب، ولكن يتأنّى حتى يبلغ الكتاب أجله - لقضي بين المكذب منهم به والمصدق، بإهلاك الله المكذب به منهم، وإنجائه المصدق به).
التأويل الثاني: لولا قضاء الله ألا يعذب أحدًا إلا بعد قيام حجته البالغة عليه - حجة الوحي والرسل، لأنزل بالمكذبين بأسه.
كما في التنزيل:
١ - قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥].
٢ - وقال تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (١٢٩) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [طه: ١٢٩, ١٣٠].
قوله: {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ}. أي: وإن الكافرين لفي شك من الوحي والنبوة شديد.
قال النسفي: ({وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ} من القرآن أو من العذاب {مُرِيبٍ}).
وقال ابن جرير: (وإن المكذبين به منهم، لفي شك من حقيقته أنه من عند الله، {مُرِيبٍ}، يقول: يريبهم، فلا يدرون أحقٌّ هو أم باطل؟ ولكنهم فيه ممترون).
ثم أخبر تعالى أنه سيجمع الأولين والآخرين من جميع الأمم ليقفوا بين يديه لنيل الثواب ونكال العقاب حسب أعمالهم.