للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو قوله تعالى: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.

قال ابن كثير: (أي: عليم بأعمالهم جميعها، جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها، وفي هذه الآية قراءاتٌ كثيرة، ويرجع معناها إلى هذا الذي ذكرناه، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: ٣٢]).

١١٢ - ١١٥. قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (١١٣) وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١١٥)}.

في هذه الآيات: أَمْرُ الله نبيّه والمؤمنين بالاستقامة على المنهج الحق وعدم الركون إلى الطغاة، فإن ذلك سبيل إلى النار والهلاك. وأمْرُهُ كذلك له بإقامة الصلاة في الغداة والعشي وفي ساعات من الليل، فإن الحسنات يذهبن السيئات. وأمره كذلك له بالصبر على أذى المشركين حتى يأتي نصر الله، والله لا يضيع أجر المحسنين.

فقوله: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}. أي: على الدين الحق. قال سفيان: (استقم على القرآن). وقوله: {وَمَنْ تَابَ مَعَكَ}. قال القرطبي: (أي استقم أنت وهم، يريد أصحابه الذين تابوا من الشرك ومَنْ بعده ممن اتبعه من أمته). قال ابن عباس: (ما نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آية هي أشد ولا أشق من هذه الآية عليه). ولذلك قال لأصحابه حين قالوا له لقد أسرع إليك الشيب! فقال: [شيبتني هود وأخواتها] (١).

وفي صحيح مسلم عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا بعدك! قال: [قل آمنت بالله ثم استقم] (٢).


(١) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٣٥٢٨)، والحاكم (٢/ ٣٤٤)، والطبراني. قال الهيثمي (٧/ ٣٧): ورجاله رجال الصحيح. وقد مضى برواياته المختلفة مفصلًا في أول هذه السورة.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٣٨)، والطيالسي (١٢٣١)، والترمذي (٢٤١٠)، وابن ماجه (٣٩٧٢)، وأخرجه أحمد في المسند (٣/ ٤١٣)، وابن حبان في صحيحه (٩٤٢) من حديث سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>