٣ - قال مجاهد:({وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}، قال: للرحمة خلقهم). وقال عكرمة:(أهل الحق ومن اتبعه، لرحمته).
قلت: والراجح القول الأول والثاني، فإن الله تبارك وتعالى امتحن عباده بالإيمان واتباع المرسلين، فآمن من آمن، وكفر من كفر، فجعلهم في الآخرة فريقين: فريق في الجنة وفريق في السعير.
أي كان ما قضى سبحانه من الامتحان وصدور الجن والإنس فريقين، فريق إلى الجنة وفريق إلى السعير، وتم قضاء الله وقدره بملء جهنم من الجنة والناس أجمعين، جزاء وفاقًا للذين كانوا لا يرجون حسابًا، وأسعد المؤمنين بروضات في جنات النعيم، لقاء صبرهم على الإيمان والدين.
٢ - وقال تعالى:{وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}[الزمر: ٧١].
ومن كنوز السنة الصحيحة في آفاق معنى الآية أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} حتى يضع فيها ربُّ العزة قدمه (وفي رواية: حتى يضع رب العزة عليها قدمه) فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قَطْ قَطْ، وعزَّتك وكرمك، ولا يزال في الجنة فضل، حتى ينشئ الله لها خلقًا آخر، فيسكنهم في فضول الجنة] (١).
قال البغوي في شرح السنة (١٥/ ٢٥٧): (والقدم والرجلان، كما جاء في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما، من صفات الله سبحانه وتعالى، المنزه عن التكييف والتشبيه، وكذلك كل ما جاء من هذا القبيل في الكتاب أو السنة، كاليد، والإصبع، والعين، والمجيء، والإتيان، فالإيمان بها فرض، والامتناع عن الخوض فيها
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه - حديث رقم - (٦٦٦١) - كتاب الأيمان والنذور - وكذلك (٤٨٤٨) - كتاب التفسير - ورواه مسلم في الصحيح (٢٨٤٨) من حديث أنس.