وقوله: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}.
قال النسفي: ({يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} أمر ملكوته وربوبيته {يُفَصِّلُ الْآيَاتِ} يبين آياته في كتبه المنزلة: {لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} لعلكم توقنون بأن هذا المدبر والمفصل لا بد لكم من الرجوع إليه).
وقوله: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا}.
قال القرطبي: (لما بيَّن آيات السماوات بيَّن آيات الأرض، أي بسط الأرض طولًا وعرضًا. {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ} أي جبالًا ثوابت، واحدها راسية، لأن الأرض ترسو بها، أي تثبت. {وَأَنْهَارًا} أي مياهًا جارية في الأرض، فيها منافع الخلق).
وقوله: {وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ}. أي: من الذكور اثنان، ومن الإناث اثنتان.
قال ابن كثير: (وأجرى فيها الأنهار والجداول والعيون لسقي ما جعل فيها من الثمرات المختلفة الألوانِ والأشكال والطعوم والروائح، من كل زوجين اثنين، أي: من كلِّ شكل صنفان).
وقوله: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ}. قال قتادة: (أي يلبس الليل النهار).
قال ابن جرير: (يجلِّل الليلُ النهارَ فيلبسه ظلمته، والنهارُ الليلَ بضيائه).
وقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
أي: إن في هذه العجائب من الخلق وتلك البدائع من التكوين لدلالات وعظات وحججًا لقوم يعتبرون فيستدلون على واجبهم نحو بارئهم عز وجل الذي أبدع كل شيء، فيفردوه بالعبادة والتعظيم.
وقوله: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ}. أي: متقاربات يجاور بعضها بعضًا، منها الطيبة الخصبة ومنها السبخة المالحة. ومن أقوال أهل التأويل:
١ - قال مجاهد: (السَّبَخَة والعَذِية (١)، والمالح والطيب). أو قال: (سِبَاخٌ وَعَذَويّة).
٢ - وقال ابن عباس: ({وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} - يعني الأرض السبخة،
(١) العذية: الأرض التربة الكريمة المنبت التي ليست بسبخة، والسَّبَخَة: المالحة.