والأرض العَذِية، يكونان جميعًا متجاورات، يُفَضِّل بعضها على بعض في الأكل).
وقال:(العذية والسبخة، متجاورات جميعًا، تنبت هذه، وهذه إلى جنبها لا تُنْبت).
وقال أيضًا:(الأرض تنبت حُلوًا، والأرض تنبت حامضًا، وهي متجاورة تسقى بماء واحد).
٣ - وقال قتادة:({وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ}، قُرئ قرُبت متجاورات بعضها من بعض).
قال ابن كثير:(وكذا يدخل في هذه الآية اختلافُ ألوان بقاع الأرض. فهذه تربة حمراء، وهذه بيضاء، وهذه صفراء، وهذه سوداء، وهذه مُحْجَرةٌ، وهذه سهلة، وهذه مرمِلَةٌ، وهذه سميكة، وهذه رقيقة، والكل متجاورات، فهذه بصفتها، وهذه بصفتها الأخرى، فهذا كلُّه مما يدل على الفاعل المختار، لا إله إلا هو، ولا ربَّ سواه).
قلت: ويؤيد هذا ما روى أحمد والترمذي بسند صحيح عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إن الله خلق آدم من قُبْضَةٍ قَبَضها مِنْ جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قَدْر الأرض، فجاء منهم الأحمرُ، والأبيضُ، والأسودُ، وبين ذلك، والسَّهلُ، والحَزْنُ، والخبيثُ، والطيِّبُ](١).
وقوله:{وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ}. قرأها بالرفع أهل البصرة "وزرعٌ ونخيلٌ" عطفًا على الجنات، والمعنى: وفي الأرض قطعٌ متجاورات، وجناتٌ من أعناب، وفيها زرعٌ ونخيل.
وأما عامة قراء المدينة والكوفة فقرؤوها بالخفض:"وزرعٍ ونخيلٍ" - بالجر عطفًا على الأعناب، والتقدير: وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعنابٍ ومن زرعٍ ونخيل. وكلاهما قراءتان مشهورتان متقاربتان في المعنى.
وقوله:{صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ}. أي: مجتمعة في أصل واحد ومتفرقة.
قال ابن عباس:(يعني بالصنوان: النخلة يخرج من أصلها النخلات، فيحمل بعضه ولا يحمل بعضه، فيكون أصله واحد ورؤوسه متفرقة). وقال البراء: (الصنوان:
(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ٤٠٦)، والترمذي (٣١٤٣) - في التفسير، وانظر صحيح سنن الترمذي - حديث رقم - (٢٣٥٥)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (١٦٣٠).