للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النخلتان أصلهما واحد، {وَغَيْرُ صِنْوَانٍ}، النخلة والنخلتان المتفرِّقتان). أو قال: (الصنوان: النخلة إلى جنبها النخلات، {وَغَيْرُ صِنْوَانٍ}، المتفرق).

والخلاصة: الصنوان: هي الأصول المجتمعة في مَنْبَتٍ واحد، كالرُّمان والتين وبعض النخيل، ونحو ذلك، وغير الصِّنوان: ما كان على أصل واحد، كسائر الأشجار، ذكره ابن كثير وقال: (ومنه سُمِّيَ عم الرجل صِنْوُ أبيه. كما جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر: "أما شَعَرْتَ أنَّ عَمَّ الرجل صِنْوُ أبيه").

وقوله: {يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ}. قال مجاهد: (ماء السماء، كمثل صالح بني آدم وخبيثهم، أبوهم واحد). وقرأها عامة قراء المدينة والبصرة: "تسقى" - أي الجنات والزرع والنخيل. وأما قراء الكوفة وبعض المكيين فقرؤوها بالياء: "يسقى".

وقوله: {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ}.

قال سعيد بن جبير: (الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ والكمثري والعنب الأبيض والأسود، وبعضها أكثر حملًا من بعض، وبعضه حلو وبعضه حامض، وبعضه أفضل من بعض).

يروي الترمذي بسند حسن عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} قال: [الدَّقَلُ، والفارِسيُّ، والحُلْوُ، والحامِضُ] (١).

فاختلاف الأجناس من الثمرات والزروع في الأشكال والألوان، والروائح والطعوم، والأوراق والأزهار، والحلاوة والحموضة، والعذوبة والمرارة، كل ذلك آيات كبيرة تدل على قدرة الواحد الأحد، الذي فاوت بين خلق الأشياء وإظهارها، ولهذا قال في آخر الآية: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} - أي فيحملهم هذا التفكر والنظر على إفراد الله تعالى بالعبادة والتعظيم.

٥ - ٧. قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٥) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ


(١) حديث حسن. أخرجه الترمذي في "التفسير". صحيح الترمذي (٢٤٩٣) - سورة الرعد - آية (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>