في هذه الآيات: عَجَبُ الله تعالى من تكذيب قومك - يا محمد - بالبعث بعد الموت بعد ذكر هذه الأمثال، وهؤلاء المكذبون هم وقود النار. إنهم يستعجلونك نزول العذاب بطرًا واستكبارًا، وقد خلت من قبلهم الأمثال الكثيرة عن أشباههم الذين دمرهم الله بالعذاب. إنهم يتنطعون بربط إيمانهم بالمعجزات وإنما أنت منذر ولكل قوم هاد.
وعن قتادة:(قوله: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ}، إن عجبت، يا محمد, {فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}، عجب الرحمن تبارك وتعالى من تكذيبهم بالبعث بعد الموت).
وقال ابن زيد:(إن تعجب من تكذيبهم، وهم قد رأوا من قدرة الله وأمره وما ضرب لهم من الأمثال، فأراهم من حياة الموتى في الأرض الميتة، إن تعجب من هذه فتعَجَّب من قولهم:{أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}، أولا يرون أنا خلقناهم من نطفة؟ فالخلق من نطفة أشدُّ أم الخلق من تراب وعظام؟ ).
والخلاصة: إن خلق السماوات والأرض وما فيهما من بدائع وآيات أكبر من خلق الناس، فالعجب كل العجب من إنكار هؤلاء المشركين إعادة الله لهم ولأجسامهم للبعث بعد الممات.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:[قال الله تعالى: شتمني ابن آدم، وما ينبغي له أن يشتمني، وكذّبني، وما ينبغي له أن يكذبني، أما شتمه إياي فقوله: إن لي ولدًا، وأنا الله الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفوًا أحد. وأما تكذيبه إياي، فقوله: ليس يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهونَ عليَّ من إعادته].