قال قتادة:(إن الله تبارك وتعالى قد علم أن في الدنيا بيوعًا وخلالًا يتخالُّونَ بها في الدنيا، فلينظر رجل من يخالل، وعلام يصاحب، فإن كان للهِ فليداوم، وإن كان لغير الله فإنها ستنقطع).
قال ابن جرير:(ليس هناكَ مُخَالّة خليل فيصفحَ عمن استوجب العقوبة عن العقاب لمُخَالَّته، بل هناك العدلُ والقسط).
والخلال جمع خلة، والمقصود أنه لا ينفعُ أحدًا بيعٌ ولا فدية ولو كانَ بملء الأرض ذهبًا لو وجده، وكذلكَ لا ينفعهُ صداقة أحد ولا شفاعة أحد يوم القيامة إذا لقي الله كافرًا. قال القاسمي:({مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ} وهو يوم القيامة {لَا بَيْعٌ فِيهِ} أي: ليتداركَ به التقصير، أو يفتدي به {وَلَا خِلَالٌ} أي: مخالة. مصدر بمعنى المصاحبة، أي لا مفاداة فيه ولا خلة أحد بمغنية شيئًا من شفاعة أو مسامحة بمال يفتدى به).
تَعْريفٌ من الله تعالى عباده بعض نعمه الكبيرة عليهم، كنعمة خلق ما في السماوات وما في الأرض، فالملائكةُ مسخرون لما ينفع العباد، وكذلكَ الأفلاكُ والمجرات، وجعل السماء سقفًا محفوظًا، وجعل الأرض فراشًا مبسوطًا، وأنزل من السماء الماء لحياة عباده وثمارهم وزروعهم ودوابهم، وسخّر السفن تجري بتيارات الهواء والماء في البحار لأسفارهم ومعاشهم ومنافعهم، وشقّ الأنهار تعبر الأقطار والأرجاء يشرب منها الناسُ والدواب والأشجار رحمة بهم، لعل في عرض بعض هذه النعم عبرة لهم لشكره سبحانه وتعظيمهِ حق التعظيم.