للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}.

أي: هلّا تأتينا بالملائكة شاهدة لك على صدق ما تقول إن كنت صادقًا في دعواك النبوة والرسالة واختيار الله لك بالوحي.

وفي التنزيل: - قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (٢١) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان: ٢١, ٢٢].

وقوله تعالى: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ}.

قال مجاهد: ({مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ}، قال: بالرسالة والعذاب).

وهناك قراءات ثلاث متقاربات المعاني لقوله {نُنَزِّلُ}. فقد قرأها قراء المدينة والبصرة "ما تَنَزَّلُ"، أي الفعل للملائكة. وقرأها بعض أهل الكوفة: "ما نُنَزِّل"، وبعضهم قرأها "ما تُنَزَّلُ".

قال ابن جرير: (فتأويل الكلام: ما ننزل ملائكتنا إلا بالحق، يعني بالرسالة إلى رسلنا، أو بالعذاب لمن أردنا تعذيبه، ولو أرسلنا إلى هؤلاء المشركين على ما يسألون إرسالهم معك آية فكفروا لم ينظروا فيؤخروا بالعذاب، بل عوجلوا به كما فعلنا ذلك بمن قبلهم من الأمم حين سألوا الآيات فكفروا حينِ أتتهم الآيات، فعاجلناهم بالعقوبة). وقال القاسمي: ({وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ} أي مُؤخَّرِين).

وقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.

تقرير وتأكيد أن هذا القرآن أنزله الله وتكفل حفظه من التغيير والتحريف والتبديل.

قال قتادة: (فأنزله الله ثم حفظه، فلا يستطيع إبليس أن يزيد فيه باطلًا ولا ينتقص منه حقًا، حفظه الله من ذلك). قال: (وقيل: الهاء في قوله: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} من ذكر محمد - صلى الله عليه وسلم -، بمعنى: وإنا لمحمد حافظون ممن أراده بسوء من أعدائه).

قال النسفي: ({وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وهو ردّ لإنكارهم واستهزائهم في قولهم: {يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ}، ولذلك قال: {إِنَّا نَحْنُ} فأكّد عليهم أنه هو المنزل على القطع وأنه هو الذي نزله محفوظًا من الشياطين، وهو حافظه في كل وقت من الزيادة والنقصان والتحريف والتبديل، بخلاف الكتب المتقدمة فإنه لم يتول حفظها وإنما استحفظها الربانيين والأحبار فاختلفوا فيما بينهم بغيًا، فوقع التحريف، ولم يكل

<<  <  ج: ص:  >  >>