ويقال:"الحفدة": الرجل يعمل بين يدي الرجل، يقال: فلان يحفد لنا أي يعمل لنا.
قلت: وأصل الحَفْد في كلام العرب: خفة العمل. وفي الحديث:"إليك نسعى ونحفدْ": أي نسرع إلى العمل بطاعتك. قال الرازي:(الحَفْد: السرعة. والحَفَدَة: الأعوان والخدم وقيل الأختان وقيل الأصهار وقيل ولدُ الولد، واحدُهم حافِد). فكل ما سبق داخل في قوله تعالى:{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} - وإن كان قوله {مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} يشير بالخصوص إلى أولاد الأولاد وأولاد البنات من الأصهار، فعادة يعيشون في قرب الرجل وخدمته. وغاية الأمر التذكير بنعمة الله تعالى على العبد في المال والأهل والزوجة والولد.
وقوله:{وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}. أي: من ألوان المطاعم وأصناف المشارب والملذات الحلال. وقوله:{أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ}. أي: أفبعد كل هذا يصرفون العبادة أو الدعاء والتعظيم للأوثان والأصنام والطواغيت وينسون المنعم المتفضل سبحانه وتعالى.
أخرج الترمذي بسند صحيح عن أبي هريرة، وعن أبي سعيد رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [يُؤتى بالعبد يوم القيامة فيقول له: ألمْ أجْعَلْ لك سمعًا وبصرًا ومالًا وولدًا، وسخرْت لك الأنعام والحرث، وتركتك ترأسُ وتَرْبَعُ، فكنت تظنُّ أنك مُلاقيَّ يَوْمَكَ هذا؟ فيقول: لا. فيقول له: اليوم أنساك كما نسيتني](١).