في هذه الآيات: ذمُّ الله المشركين في عبادتهم ما لا يملك لهم نفعًا، وتحذيرهم من تشبيه الله بالأشباه والأمثال. وتمثيل الله الكافر والمؤمن، فالكافر رزقه مالًا فعمل بمعصيته تعالى، والمؤمن رزقه كذلك فعمل بطاعته تعالى، فهما لا يستويان مثلًا. وتمثيل الله القائم على دينه والعاجز لا يقدر على خير، فالأول يدعو إلى الحق والعدل، والثاني عاجز مريض عالة لا يصلح لمهمة، فهما كذلك لا يستويان مثلًا.
فقوله تعالى:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ}. أي: ورغم كل ما سبق بيانه من نعم الله على العباد، فإن المشركين بالله يعظمون من دونه أوثانا لا تملك لهم رزقًا من السماوات والأرض، فلا تقدر على إنزال القَطْرِ ولا إخراج النبات والثمار، بل ولا تقدر على شيء. قال قتادة:(هذه الأوثان التي تُعْبد من دون الله لا تملك لمن يعبدها رزقًا ولا ضرًا ولا نفعًا، ولا حياة ولا نشورًا).
وقوله:{فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ}. قال ابن عباس:(يعني اتخاذهم الأصنام، يقول: لا تجعلوا معي إلهًا غيري، فإنه لا إله غيري). وقال قتادة:(فإنه أحَدٌ صمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد). والمقصود: لا تمثلوا لله الأمثال، ولا تشبهوا له الأشباه، فإنه - تعالى - لا مِثْل له، ولا شِبه.
وقوله:{إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. قال قتادة:(يقول: والله أيها الناس يعلم خطأ ما تمثلون وتضربون من الأمثال وصوابه، وغير ذلك من سائر الأشياء، وأنتم لا تعلمون صواب ذلك من خطئه).
وقوله تعالى:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} الآية - إلى قوله:{وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. قال قتادة: (هذا مثل ضربه الله للكافر، رزقه مالًا فلم يقدِّم فيه خيرًا، ولم يعمل فيه بطاعة الله، قال الله تعالى ذكره {وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا} فهذا المؤمن أعطاه الله مالًا، فعمل فيه بطاعة الله، وأخذ بالشكر، ومعرفة حقّ الله، فأثابه الله على ما رزقه الرزق المقيم الدائم لأهله في الجنة، قال الله تعالى ذكره: {هَلْ