في هذه الآيات: إثبات الله تعالى أمر الغيب له وتحذيره عباده فجأة الساعة والقيام للحساب. وامتنان من الله تعالى على عباده أن أخرجهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئًا فرزقهم السمع والأبصار والأفئدة لإدراك العلوم وفهم المنافع والمضار لعلهم يشكرون. إن في تسخير الله الطيور وحملها في جو السماء لآيات لقوم يؤمنون.
فقوله:{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. قال ابن جرير:(يقول تعالى ذكره: ولله أيها الناس مِلك ما غابَ عن أبصاركم في السماوات والأرض دون آلهتكم التي تدعون من دونه، ودون كل ما سواه، لا يملك ذلك أحد سواه).
وقوله:{وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. قال قتادة:(هو أن يقول: كن، فهو كلمح البصر، فأمر الساعة كلمح البصر أو أقرب، يعني يقول: أو هو أقرب من لمح البصر).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى:{وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}[القمر: ٥٠]. أي: يكون ما يريد كطرف العين.
امتنان جديد من الله سبحانه على عباده، فهو الذي أخرجهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئًا، ثم رزقهم السمع الذي يدركون به الأصوات، والأبصار اللاتي يبصرون بها المحسوسات والمرئيات، والأفئدة - وهي العقول - يميزون بها المنافع من المضرّات، ومركز العقل والفهم هو القلب، وهو مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، لعلهم يعرفون نعمة ربهم عليهم فيقدرونها ويقومُون بحق شكرها.
قلت: وأعظم شكر تلك النعم صرفها في طاعة الله والأمر بالمعروف والنهي عن