لأجيبنّه، ولئن استعاذ بي لأعيذَنَّه، وما تردَّدْتُ في شيء أنا فاعله تردُّدي في قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءَتَه، ولا بُدَّ له منه] (١).
يعني: إن العبد إذا صدق الله النية والعمل جعل الله جوارحه منساقة لأمر الله ورضاه، فلا يسمع إلا ما يرضي ربه تعالى، ولا يبصر إلا ما يحب سبحانه، وكذلك أعمال سائر جوارحه.
وقوله تعالى:{أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}. قال قتادة:({فِي جَوِّ السَّمَاءِ}: أي في كبد السماء).
قال النسفي:({مُسَخَّرَاتٍ} مذللات للطيران بما خلق لها من الأجنحة والأسباب المواتية لذلك {فِي جَوِّ السَّمَاءِ} هو الهواء المتباعد من الأرض في سمت العلو {مَا يُمْسِكُهُنَّ} في قبضهن وبسطهن ووقوفهن {إِلَّا اللَّهُ} بقدرته. وفيه نفي لما يصوره الوهم من خاصية القوى الطبيعية {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} بأن الخلق لا غنى به عن الخالق).
في هذه الآيات: امتنان الله على عباده بنعمة البيوت والسكن والفائدة من جلود الأنعام في ذلك. ونعمة الظلال والجبال والسرابيل وآفاق المنافع من وراء هذا الخلق
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه (١١/ ٢٩٢)، (١١/ ٢٩٧) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وانظر فتح الباري (١١/ ٢٩٥).