في هذه الآيات: تحذير الله عباده اليوم الموعود، يوم يبعث الله فيه الشهود، فلا يؤذن بالاعتذار للذين كفروا، ولا يخفف العذاب عن الذين ظلموا، ولا يلقى الشركاء إلا التكذيب والخزي من الذين أشركوا، ويزيد الله الكافرين الذين كانوا يصدون عن سبيل الله عذابًا فوق العذاب بما كانوا يفسدون.
فقوله:{وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا}. قال قتادة:(وشاهدها نبيّها، على أنه قد بلغ رسالات ربه، قال الله تعالى:{وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ}).
وقوله:{ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ}. قال ابن جرير:(يقول: ثم لا يؤذن للذين كفروا في الاعتذار، فيعتذروا مما كانوا بالله وبرسوله يكفرون {وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} فيتركوا الرجوع إلى الدنيا، فينيبوا ويتوبوا، وذلك كما قال تعالى: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ}).
أي: إذا عاين المشركون الذين كذّبوا الرسِل عذاب جهنم بالدخول إليها فإنهم لا يخفف عنهم عذابها بالعذر الذي يلقونه ولا يُفَتَّرُ عنهم ساعة، ولا يُرجَؤون بالعقاب فقد فات وقت التوبة.
أي: وإذا أبصر المشركون يوم الحساب أوثانهم وأصنامهم والطواغيت التي كانوا يعبدونها من دون الله تقودهم إلى النار بأمر الله، قالوا ربنا هؤلاء الذين اتخذناهم أربابًا وجعلناهم لك شركاء، فكذبتهم الآلهة بأنها لم تكن آلهة ولا أمرتهم بعبادتها. قال القرطبي:(فيُنطق الله الأصنامَ حتى تظهر عند ذلك فضيحة الكفار. وقيل: المراد بذلك الملائكة الذين عبدوهم).