تسمّى سورة النِّعَم). قال النسفي: (أي تنظرون في نعمته الفائضة فتؤمنون به وتنقادون له).
وقوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}. قال القرطبي: ({فَإِنْ تَوَلَّوْا} أي أعرضوا عن النظر والاستدلال والإيمان. {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} أي ليس عليك إلا التبليغ، وأما الهداية فإلينا).
وقوله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} - فيه أكثر من تأويل:
١ - قال السدي: (يعني محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، أي يعرفون نبوته {ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} ويكذبونه).
٢ - قال مجاهد: (يريد ما عدّد الله عليهم في هذه السورة من النعم، أي يعرفون أنها من عند الله وينكرونها بقولهم إنهم ورثوا ذلك عن آبائهم).
٣ - قال عَوْنُ بن عبد الله: (هو قول الرجل لولا فلان لكان كذا، ولولا فلان ما أصبت كذا، وهم يعرفون النفع والضر من عند الله).
٤ - وقال الكلبي: (هو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عرَّفهم بهذه النعم كلها عرفوها وقالوا: نَعَمْ، هي كلها نِعَم من الله، ولكنها بشفاعة آلهتنا).
٥ - وقيل: يعرفون نعمة الله بتقلبهم فيها، وينكرونها بترك الشكر عليها.
٦ - وقيل: يعرفونها في الشّدة وينكرونها في الرخاء.
٧ - وقيل: يعرفونها بأقوالهم وينكرونها بأفعالهم.
٨ - وقيل: يعرفونها بقلوبهم ويجحدونها بألسنتهم.
قلت: وجميع ما سبق مما يحتمل التأويل، ويتسع له البيان الإلهي والإعجاز القرآني.
وقوله: {وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} - قيل المراد جميعهم، وقيل المراد أغلبهم.
٨٤ - ٨٨. قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٨٤) وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ