للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [لَنْ يهلكَ الناس حتى يَعْذِروا، أو يُعْذِروا، من أنفسهم] (١).

وقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ}. قال القرطبي: (هذا يدل على أنها مكة. وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة. {فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ} وهو الجوع الذي وقع بمكة. وقيل: الشدائد والجوع منها).

ومن ذلك العذاب: أنهم لما استعصوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبوا إلا خلافه، دعا عليهم بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يوسف، فأصابتهم سنة أذهبت كلَّ شيء لهم، فأكلوا العِلْهِزَ، وهو: وَبَرُ البعير، يُجْعَلُ بِدَمِهِ إذا نحروه. ثم إنهم بُدِّلوا بأمنهم خوفًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - كما ذكر ابن كثير رحمه الله - حين هاجروا إلى المدينة، مِنْ سَطْوَةِ سراياه وجيوشه، وجعلوا كل مالهم في سَفَالٍ ودمار، حتى فتحها الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -. وذلك بسبب صنيعهم وبغيهم وتكذيبهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي بعثه الله فيهم منهم، وامتن به عليهم في قوله: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [آل عمران: ١٦٤]، وقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (١٠) رَسُولًا} [الطلاق: ١٠, ١١]. وقوله: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: ١٥١, ١٥٢]. ثم قال: (وكما أنه انعكس على الكافرين حالُهم، فخافوا بعد الأمن، وجاعوا بعد الرَّغَد، بَدَّل الله المؤمنين من بعد خوفهم أمْنًا، ورَزَقَهم بعد العَيْلَة، وجعلهم أمراءَ الناس وحُكَّامهم وقادتهم وسادتهم وأئمتهم).

وعن قتادة: ({وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ} إي والله، يعرفون نسبه وأمره، {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ}، فأخذهم الله بالجوع والخوف والقتل).

١١٤ - ١١٧. قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١١٤) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ


(١) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن - حديث رقم - (٤٣٤٧) - الباب السابق. وانظر صحيح أبي داود - حديث رقم - (٣٦٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>