للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الثالث: روى مسلم في صحيحه والنسائي في سننه، واللفظ لمسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [نحنُ الآخِرون الأوّلون يومَ القيامة، ونحن أوَّلُ من يَدْخُلُ الجنة، بَيْدَ أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناهُ من بَعْدِهم، فاختلفوا، فَهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه، هدانا الله له - قال: يوم الجمعة - فاليومُ لنا، وغدًا لليهود، وبعد غدٍ للنصارى] (١).

قال ابن كثير: (لا شك أن الله تعالى شرع في كل مِلّة يومًا من الأسبوع، يجتمع الناس فيه للعبادة، فشرعَ تعالى لهذه الأمة يوم الجُمعة، لأنه اليوم السادس الذي أكمل الله فيه الخليقة، واجتمعت فيه وتمت النعمة على عباده. ويقال: إنه تعالى شرع ذلك لبني إسرائيل على لسان موسى، فَعَدَلوا عنه واختاروا السبت، لأنه اليوم الذي لم يخلُق فيه الربّ شيئًا من المخلوقات التي كمل خَلْقُها يوم الجمعة. فألزمهم تعالى به في شريعة التوراة).

وقوله: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}.

قال النسفي: (روي أن موسى عليه السلام أمرهم أن يجعلوا في الأسبوع يومًا للعبادة، وأن يكون يوم الجمعة فأبوا عليه، وقالوا نريد اليوم الذي فرغ الله فيه من خلق السماوات والأرض وهو السبت إلا شرذمة منهم قد رضوا بالجمعة، فهذا اختلافهم في السبت، لأن بعضهم اختاروه وبعضهم اختاروا عليه الجمعة، فاذن الله لهم في السبت وابتلاهم بتحريم الصيد، فأطاع أمر الله الراضون بالجمعة، فكانوا لا يصيدون، وأعقابهم لم يصبروا عن الصيد فمسخهم الله دون أولئك، وهو يحكم بينهم يوم القيامة فيجازي كل واحد من الفريقين بما هو أهله).

١٢٥ - ١٢٨. قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه (٨٥٥) (٢٠) - كتاب الجمعة - الباب السابق، من حديث أبي هريرة، وأخرجه النسائي (١٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>