للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (١٢٧) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)}.

في هذه الآيات: أَمْرُ اللهِ نبيَّه - وهو أمْرٌ لأمته - بالتماس طريق الحكمة والموعظة الحسنة في الدعوة إلى الله، والله يهدي من يشاء وهو أعلم بالشاكرين. ودعوة إلى العدل في الاقتصاص والمماثلة في استيفاء الحق، والصبر خير للصابرين. ولا يحيق المكر إلا بأهله الماكرين، والله تعالى في عون المتقين المحسنين.

فقوله: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.

أي: التمس - يا محمد - في دعوتك الخلق إلى الكتاب والسنة واللطف واللين، والرفق والتيسير، واجتنب العنف والتعسير.

قال ابن جرير: ({بِالْحِكْمَةِ} وهو ما أنزله عليك من الكتاب والسنة). وقال ابن كثير: ({وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، أي: بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس يُذكرهم بها، ليحذروا بأس الله تعالى. {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، أي: من احتاج منهم إلى مناظرة وجدالٍ، فليكن بالوجه الحسن، برفق ولين وحسن خطاب).

قال القرطبي: (أمره أن يدعو إلى دين الله وشرعه بتلطف ولين دون مخاشنة وتعنيف، وهكذا ينبغي أن يوعظ المسلمون إلى يوم القيامة. فهي محكمة في جهة العصاة من الموحِّدين، ومنسوخة بالقتال في حق الكافرين).

وفي التنزيل:

١ - قال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: ٤٦].

٢ - وقال تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٤].

ومن كنوز صحيح السنة في آفاق معنى الآية أحاديث:

الحديث الأول: يروي الترمذي بسند صحيح عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غدًا؟ على كلِّ هين لين قريب سهل] (١).


(١) حديث صحيح. أخرجه الترمذي في الجامع - حديث رقم - (٢٦٢٠) - أبواب صفة القيامة. وانظر صحيح سنن الترمذي - حديث رقم - (٢٠٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>