وقوله:{إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. أي: السميع لما يقوله المشركون بمكة معترضين على الرحلة النبوية المباركة، ولما يقوله عباده جميعهم، مؤمنهم وكافرهم، البصير بأعمال الخلق جميعًا، والمحيط والمحصي لكل ما صدر منهم ليجازيهم بهم يوم الحساب.
لقد ثبت حادث الإسراء والمعراج بنص القرآن الكريم، وسميت بذلك هذه السورة "سورة الإسراء" إثباتًا للحدث.
والإسراء: هو الرحلة من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالقدس، وقد سمي بالأقصى لأنه أبعد المساجد الثلاث التي تزار وتشد إليها الرحال في الإسلام.
وقد ذكر الإمام البخاري في صحيحه أن الإسراء وقع بعد موت أبي طالب، وكان فيما يبدو بعد العودة من رحلة الطائف المؤلمة تسلية ومواساة من الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وأما المعراج: فهو ارتفاع بعد الإسراء في طباق السماوات إلى مستوى تنقطع عنده علوم الخلائق ثم العودة إلى مكة. والمعراج لغة على وزن مِفْعال: من العروج أي الآلة التي يُعْرَج - أي يصعد - فيها، ولا نعلم كيف هو ولا نسأَل وحكمه كحكم المغيبات نؤمن به ولا نشتغل بكيفيته.
وقد ذهب قوم إلى أن الإسراء كان مرتين مرة في اليقظة ومرة منامًا، وقالوا: بالروح لا بالجسد، وينسبون لعائشة ومعاوية أنه أسري بروحه ولم يُفْقد جسده، وكل ذلك لم يصح عنهما، وقد ردّه العلماء المحققون.
قال الإمام الطحاوي رحمه الله:(والمعراج حق وقد أسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وعُرِجَ بشخصه في اليقظة إلى السماء، ثم إلى حيث شاء الله تعالى من العُلا، وأكرَمه الله تعالى بما شاء فأوحى إلى عبده ما أوحى).