للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرأ قراء الكوفة: {الوِلاية} - أي: هنالك الحكمُ لله الحق. فالوِلاية بكسر الواو: من الملك والسلطان. واختار ابن جرير هذه القراءة.

وقرأ قراء من المدينة والبصرة وبعض الكوفيين {الوَلاية} بفتح الواو، أي: هنالك المُوالاة لله. قال ابن كثير: (أي: هنالك كلُّ أحد من مؤمن أو كافر، يرجع إلى الله وإلى موالاته والخضوع له إذا وقع العذاب).

وأما لفظ {الْحَقِّ} فمن رفعه كان صفة للولاية، ومن كسر القاف كان نعتًا لله عز جل، ومثال الرفع قوله تعالى: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ} [الفرقان: ٢٦]. ومثال الكسر قوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} [الأنعام: ٦٢].

وقوله: {هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا}.

قال ابن جرير: (يقول عزّ ذكره: خير للمنيبين في العاجل والآجل ثوابًا {وَخَيْرٌ عُقْبًا}، يقول: وخيرهم عاقبة في الآجل إذا صار إليه المطيع له، العامل بما أمره الله، والمنتهي عما نهاه الله عنه، والعقب هو العاقبة).

وهناك قراءتان لقوله تعالى: {عقبًا} بضم العين والقاف، أو ضم العين وتسكين القاف، وهما مشهورتان في قراء الأمصار ولهما المعنى نفسه.

٤٥ - ٤٦. قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (٤٥) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (٤٦)}.

في هذه الآيات: تمثيل الله تعالى هذه الحياة بماء نزل من السماء فاختلط بالحب في الأرض فخرج النبات والزرع ثم يبس وكسرته الرياح والله على كل شيء قدير. وتقريره تعالى أن المال والبنين زينة هذه الحياة الدنيا وأن الباقيات من الأعمال الصالحات هي الخير المستمر نفعه، المضمون ثوابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>